إستحوذ علي عرش المواد المخدرة المتداولة في مصر بنسبة83% وبفارق واسع عن الحشيش الذي أتي في المرتبة الثانية بنسبة8 % وفقا لأحدث تقارير صندوق مكافحة وعلاج الادمان.
إنه الترامادول -عقار الإدمان الحديث- والذي شهد تداوله قفزات متتالية في السنوات الأخيرة ففي2007 بلغ عدد حالات الجرعة الزائدة الواردة للمركز128 حالة تضاعفت عام2010 إلي728 حالة بينما شكل عام2011 عام الذورة حيث وصل العدد1566 حالة جرعة زائدة وقياسا علي ذلك هناك قرابة المليون مدمن جديد سنويا، حيث تشكل نسبة حدوث الجرعة الزائدة1/1000 من إجمالي عدد المدمنين.
الدكتور محيي المصري -أستاذ السموم الاكلينيكية بمركز السموم بطب عين شمس- يؤكد أن الإقدام علي تناول هذا العقار بمثابة الدخول إلي الدوامة فمتعاطوه لا يستطيعون الثبات عند حد معين، وإنما ينزلقون للمزيد، غالبا ما يضطرون لزيادة الجرعات للحصول علي تنبيه أفضل، فمنهم من لا يستطيع بدء يومه إلا بعد تناول عدة أقراص، ومنهم من يشعر بآلام وقيء وإسهال، وهي الأعراض الإنسحابية التي ترغمهم علي تناول جرعات أكبر وأكبر مشيرا إلي أن سحر هذه الحبة لا يضاهي خطرها القاتل، نظرا لإستخدامها بشكل عشوائي لا يراعي الجرعة أو السن أو الآثار الجانبية التي تطول المخ والقلب وتصل إلي حد الموت المفاجئ، كما أن من عيوبه زيادة شراهة المتعاطي للتدخين مصاحبة بزيادة الجرعات تاركاً إياه عرضة للإصابة بسرطان الرئة.
ولا يزال الترامادول يسبب قلقا متزايدا علي الساحة الطبية بالرغم من كونه بالأساس علاجا لحالات الألم الشديد بعد الجراحات والسرطان وكسور العظام، والتي لا تستجيب للمسكنات المعتادة.
ولعل السؤال الأكثر طرحا هو ما الذي يجعل شخصا وقورا أو حتي عاديا يغامر بإستخدام حبة ترامادول، ويعرض نفسه لمساءلة القانون خاصة بعدما إرتبط بأسماء معروفة، والإجابة كما كشفها مرصد مركز السموم أن أكثر من90% من المرضي يدمنون هذا العقار للإعتقاد الخاطيء بالتنشيط الجسماني أو النشاط الجنسي بالإضافة لتحسن الحالة المزاجية أو كعلاج مسكن، وهو ما يعكس ثقافة جديدة في الشارع المصري أصبح فيها الترامادول مثل علبة السجائر بمعني إذا رغب شخص في الترحيب بصديق، كما في الأفراح الشعبية أو قضاء مصلحة حكومية يتطوع بأن يعرض عليه حبة ترامادول لزوم الفرفشة والدماغ.
وبحسب الدكتور محيي المصري نحن أمام مسألة لا تتعلق بفئة المدمنين قدر ما تتعلق بهذا العقار، فهو من الأدوية التي تسبب التعود، ويحتاج المريض إلي زيادة الجرعة بشكل مستمر للحصول علي التأثير المطلوب، وإذا إبتعد عن تناوله أصيب بدرجة عالية من الإكتئاب كأنه سيموت وهنا مكمن الخطورة.
ويعتبره المدمنون مخدرا قويا بديلا للهيروين، فمن الناحية العلمية يحتفظ الترامادول بتأثير مشابه للافيونات كالهيروين والمورفين والكوادين فضلا عن قلة الثمن وصعوبة كشفه بتحاليل السمية المعتادة، وله أسماء كثيرة دارجة شعبيا كالأمادول والترامادول وتراماكس، كما تشيع خلطات للترامادول مع كثير من المهدئات والمنومات للتغلب علي آثاره الجانبية كالرعشة والتوتر والقلق وإرتجاف العضلات وسرعة دقات القلب، وتبقي الخلطة الأكثر رواجا وسحرا دمجه بالفياجرا بهدف تحسين الأداء الجنسي، وهو ما يلاقي انتشارا في الأماكن الشعبية وعادة ما تكون أيضا نصيحة من أصحاب الصيدليات عديمي الضمير والباحثين عن الربح السريع، بينما ينتشر بين أوساط المنحرفين وقائمة البلطجية ما يعرف ببرشام الفراولة نظرا للونه الأحمر، وهو أحد فصائل الترامادول، وبالنسبة لمدمني الهيرويين والأفيونات تعتبر أقراصه ملجأهم للحصول علي التأثير نفسه عند ضيق ذات اليد من سعر الهيرويين المرتفع وبإختلافه عن باقي الافيونات لا يتم الكشف عن الترامادول إلا من خلال تحليل خاص بمراكز السموم، وهو ما يستغله البعض للهروب من الفحوصات عند التقدم للوظائف أو بالنسبة للسائقين.
وحاليا تتزايد الإتهامات الموجهة له كسبب في حالات الصرع المسجلة بين الشباب في أعمار مبكرة لم تتخط الثلاثينيات، يضاف لذلك إحداثه صدمة قلبية مصاحبة بإرتفاع ضغط الدم، وفشل تنفسي مؤديا إلي الوفاة، ووفقا للإحصائيات تتراوح نسب الوفاة من الجرعة الزائدة من5 إلي6 في الألف، وينتج معظمها من تأخر المريض في الوصول إلى الخدمة العلاجية المناسبة.
ويعتبر الارتشاح الرئوي الناتج عن الترامادول شديد الخطورة، وبنسب أكبر من الجرعة الزائدة للهيروين، كما أن علاجه أكثر صعوبة، فمضادات السموم المعتادة لا تنفع مرضاه، وإن كان يعد العلاج بالتنفس الصناعي المتقدم بجانب الأدوية التي تسيطر علي التشنجات ومنشطات القلب هو الحل.
ولذا ينصح بعدم إستخدام الترامادول لمواجهة الآلام بدون إشراف طبي، وإن حدث، فلا يتعدى الأسبوع خوفا من تعود خلايا الجسم عليه، ومن ثم الادمان.
وللتغلب علي شهوة الترامادول ينصح بممارسة رياضة ذات وتيرة ثابتة مثل الهرولة والمشي السريع عدة مرات يوميا، ومن شأن ذلك زيادة إفراز مادة النورابينفرين والسيروتونين المتسببة في الإنتعاش والسعادة.
الكاتب: عبد الرحمن هاشم.
المصدر: موقع المستشار.